إخبار النبي (ص) عائشة بما ستحدثه
ـ فلما أن صرت إلى بعض الطريق الذي سلكته رجعت ، فقلت : النبي راقد وعائشة في الدار ، لا يكون هذا ، فجئت فطرقت الباب ، فقالت لي : من هذا ؟ قلت لها : أنا علي ، فقالت : إن النبي - صلى الله عليه وآله - على حاجة ، فانصرفت مستحييا ، فلما انتهيت إلى الموضع الذي رجعت منه أول مرة وجدت في قلبي مالا أستطيع عليه صبرا ، وقلت : النبي على حاجة وعائشة في الدار ، فرجعت فدققت الباب الدق الذي سمعته ، فسمعتك يا رسول الله وأنت تقول لها : أدخلي عليا . فقال النبي - صلى الله عليه وآله - أبى الله إلا أن يكون هذا الامر هكذا ، يا حميراء ما حملك على هذا ؟ ! فقالت : يا رسول الله اشتهيت ان يكون أبي يأكل من هذا الطير . فقال لها : ما هو بأول ضغن بينك وبين علي ، وقد وقفت على ما في قلبك لعلي - إن شاء الله - لتقاتليه . فقال : يا رسول الله وتكون النساء يقاتلن الرجال ؟ فقال لها : يا عائشة إنك لتقاتلين عليا ، ويصحبك ويدعوك إلى هذا نفر من أهل بيتي وأصحابي ، فيحملونك عليه ، وليكونن على قتالك له أمر يتحدث به الأولون والآخرون ، وعلامة ذلك أنك تركبين الشيطان ، ثم تبتلين قبل أن تبلغي إلى الموضع الذي يقصد بك إليه تنبح عليك كلاب الحوأب ، فتسألين الرجوع فيشهد عندك قسامة أربعين رجلا : ما هي كلاب الحوأب ، فتصيرين إلى بلد ، أهله أنصارك ، وهو أبعد بلاد على الأرض من السماء ، وأقربها من الماء ، ولترجعن وأنت صاغرة غير بالغة ما تريدين ، ويكون هذا الذي يردك مع من يثق به من أصحابه ، وإنه لك خير منك له ، ولينذرنك بما يكون الفراق بيني وبينك في الآخرة ، وكل من فرق علي بيني وبينه بعد وفاتي ففراقه جائز . فقالت له : يا رسول الله ليتني مت قبل أن يكون ما تعدني به . فقال لها : هيهات هيهات ! والذي نفسي بيده ليكونن ما قلت حق كأني أراه . ثم قال لي : قم يا علي فقد وجبت صلاة الظهر ، حتى آمر بلالا بالاذان ، فأذن بلال ، وأقام ، وصلي وصليت معه ، ولم يزل في المسجد .
مدينة المعاجز - ج 1 - ص 390 - 392