أشباه الرجال.. وأشرف الناس
قبل ألف سنة ونيّف وقف الامام علي بن أبي طالب (ع) يخطب في قومه بعد أن ارتكب الكفار عدواناً بحق المسلمين، وقاموا بانتهاك حرمة المسلمين ودمروا بيوتهم وأحرقوا أرزاقهم، وعاثوا فساداً في الأرض، وألقى كلاماً بليغاً وخالداً تحت عنوان "خطبة الجهاد"..
ومما قاله الامام علي (ع) يومذاك في خطبته:
"أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه.. فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل وشملة البلاء وديّث بالصغار والقماءة.. ألا أني دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلاً نهاراً، وسراً وإعلاناً، وقلت لكم اغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلّوا، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت الغارات عليكم وملكت عليكم الأوطان.. فيا عجباً والله يميت القلب من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم، فقبحاً لكم وترحاً حين صرتم غرضاً يُرمى، يُغار عليكم ولا تغيرون، وتُغزون ولا تغزون.."
ويكمل الامام علي (ع) خطبته حتى يصل ليقول: "..فإذا كنتم من الحر والقرّ (البرد) تفرون فإذا أنتم والله من السيف أفر.. يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال.. لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم، معرفة والله جرّت ندما، وأعقبت سدما، قاتلكم الله، لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً.. وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان..".
وها نحن اليوم.. وبعد ألف سنة ونيّف من ذلك المقام، يقف حفيد الامام علي (ع) وسليله الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله.. يقف بعد خمسة وعشرين سنة من عمر المقاومة ، وبعد ثلاثة وثلاثين يوماً من المقاومة والجهاد، بعد ملاحم رائعة من القتال والصمود، ودروس التاريخ في التضحية والفداء التي سطّرها شعب المقاومة.. يقف ليخطب في قومه ويقول: "يا أشرف الناس ويا أكرم الناس ويا أطهر الناس ويا أشجع الناس.. السلام عليكم".
هم أنتم أولئك القوم الذين أرادهم الامام علي (ع).. أنتم يا من آمنتم وسرتم، صمدتم وصبرتم، قاومتم واستشهدتم، ونصبتم راية النصر، وسرتم في الحرّ والقرّ، في الليل والنهار، تغيرون ولا يُغار عليكم، كباراً لا أذلاء، رجالاً بكل معنى الرجولة والاباء، وأثلجتم قلوب الأمة، وعدتم ووفيتم، وكنتم ولا زلتم خير وفاء لخير وعد وأصدق وعد.. وعد الانتصار.
كل نصر وأنتم بخير..
نقلا عن موقع المقاومة الإسلامية - حزب الله